لبيك لمالك بن نبي وصادق لفولتير، حين تكون الرواية في خدمة المجتمع” (Lebbeik de Malek Bennabi et Zadig de

“لبيك لمالك بن نبي وصادق لفولتير، حين تكون الرواية في خدمة المجتمع”
هي رسالة دكتوراه في تخصص الأدب، تمت مناقشتها في معهد اللغة الفرنسية بجامعة باتنة 2 مصطفى بن بولعيد من طرف الطالب سعد فراح. وقد سعت الرسالة من خلال هذه المقارنة إلى دراسة دور الرواية كعامل حضاري، وكذا إلى محاولة تعزيز إمكانية استغلال هذا الجنس الأدبي كوسيلة من أجل تحسين حالة المجتمع، وذلك انطلاقا من الإشكالية التالية: كيف تساهم الرواية في عملية إصلاح وتطور مجتمع ما؟ وما هي الخصائص الدلالية والحضارية التي ميزت هاذين النصين بالتحديد؟
وللإجابة عن هذا التساؤل فقد تم الاعتماد على مقاربة أنثروبولوجية، وعلى التناص، والسوسيولوجيا الأدبية، لا سيما مفهوم “المشروع الإيديولوجي” لدى بيير ماشيري (Pierre Macherey)، إضافة إلى تحليل سيميائي للرموز. وقد قُسّمت إلى قسمين رئيسيين:
1. البيئة الإنسانية والكتاب: ويتناول السياقات التاريخية والثقافية للإنتاج والتلقي؛
2. الفكرة والهيئة والإصلاح: ويحلل أفكار الكاتبين وتمثيلاتها التخيلية.
كشفت مقارنة السياقات أن فولتير كان يتحرك ضمن بيئة فكرية مواتية للتغيير، في حين كان بن نبي يكتب في بيئة مستعمَرة تعيقُها “القابليّة للاستعمار”. فـ”صادق” استفاد من مجتمعٍ متقبل للأفكار الجديدة، بينما أتى “لبّيك” في سياق أدب جزائري مشغول بالسعي إلى إثبات الهوية.
وأظهر التحليل المبني على تراجم المؤلفين وجود صِلات وثيقة بين الأحداث الروائية والواقع وحياة كل منهما. كما يظهر العمل احتواء الروايتين على أفكارهما المركزية: نضال فولتير ضد التعصب والظلم، وقيمة “الفكرة الدينية” لدى بن نبي بوصفها محركا للحضارة.
وقد جسد كل من البطلين نموذجا للإصلاح: فـ”صادق” هو الرجل العاقل العالِم الذي تعرّض للاضطهاد ثم نال المنزلة التي يستحقها، عاكسا بذلك مسار فولتير نفسه وأفكاره التي ستتبناها الثورة الفرنسية فيما بعد؛ بينما يُمثّل “إبراهيم” في “لبّيك” ضرورة تغيير النفس من أجل تمكين نهضة المجتمع ككل، وفق الفكر الحضاري لمالك بن نبي.
كشفت دراسة الرموز وطرائق الكتابة عن الآليات التي اعتمدها كل مؤلف لنقل فلسفته عبر الرواية. كما استنبطت عدة دروس قدمتها الروايتان في سياق مهمتهما الحضارية.
ومن خلال توجيه البحث نحو البعد العملي في إطار البيداغوجيا الاجتماعية، طبّق الباحث “سداسي كينتيليان” (l’hexamètre de Quintilien)، فبيّن أن “لبّيك”، على غرار “صادق”، يمكن عدّه أداةً من أدوات الحضارة: إذ أن بن نبي يقترح من خلاله نموذجا تربويا واجتماعيا ليس موجها للنخبة فحسب، بل أيضا للفئات الأكثر هشاشة، مؤكدا بذلك إمكانية حدوث نهضة شاملة للمجتمع الجزائري.
وقد حاول الباحث من خلال هذا العمل لفت الانتباه إلى رواية مالك بن نبي والقيام بدراسة أعمق لها، وكذا نشر الفكر والحضور البنابي في الأوساط الجامعية، في سبيل تفعيل مستقبلي لأفكار هذا الفيلسوف على أرض الواقع.



